تعتبر ثُنائية اللغة (la langue= language) و الكلام (la parole =speech) من المبادئ التي ضمّنها دوسوسير نظريته الوصفية البنيوية . و تتلخّص هذه الثنائية في كون اللغة نظاماً أو مجموعةَ قواعد يتعلّمها أفراد مجتمع لغوي معيّن ، و تكون مستقرّة بشكل تجريدي في أذهانهم . أو بمعنى آخر اللغة هي تلك القواعد الصوتية ( phonetique = phonetic ) و التركيبية النحوية ( syntaxique = syntactic) و الصرفية ( morphologique = morphologic) و الدلالية المعجمية (sémantique = semantic) فإذا تكلّم الفردُ لغته لا بدّ أن ينضبط بهذه القواعد الخاصة بلغته صوتياً و نحوياً و صرفياً و دلالياً و إلاّ اعتُبر مخطئاً .
أما الكلام سواء كان منطوقا أو مكتوبا فهو التحقيق الفِعْلي لتلك القواعد السابقة من المتكلّم عن طريق صياغتها في جُمل و تعابير ، و توظيفها و مُمارستها بشكل واقعي . و انطلاقاً من هذا فالكلام ظاهرة شخصية و سلوكٌ فردي خاص بينما اللغة ظاهرة اجتماعية عامة لأن اللغة شيء مجَرَّد و مستقلّ عن المتكلّم عكس الكلام الذي يتوقّف على إرادة المتكلّم و ذكائه . فكلّ واحد منّا يملك هذه القدرة (competence )، عربيا ًكان أم فرنسياً أم إنجليزياً ...
وهكذا يأتي الكلام في المرتبة الثانية بعد اللغة ، فلا يمكن للمتكلّم أن يستعمل اللغة و يُوظّفَها ما لَمْ يكتَسِبْها و يتعلَّمْ قواعدها بشكل جيّد .
هذا باختصار شديد الفرقُ الدقيق بين اللغة و الكلام عند دو سوسير De Sossure .